”المطففون الجدد ”
بقلم :د . محمود العبد حسن
اهتم الإسلام بالنفس البشرية ، رغباتها ونوازعها ، وعمل على سد تلك الرغبات والإحتياجات بطرق سليمة وصحيحة ، وحرص على علاج الشهوات والزلات البشرية ، لتجنب الوقوع في شراكها و أفخاخها .
من هذا المنطلق جاءت سورة المطففين لتتحدث في أسلوب بلاغي بديع وإيجاز معجز عن صفة رذيلة وخلق سيئ ، فالتطفيف لا يمكن حصره في بخس الكيل والميزان وإلا لكانت الصورة ضيقة والدلالة محدودة ، إنما تتسع الصورة لتشمل صورا متعددة ومتنوعة سواء كانت معاملات مادية ، علاقات إجتماعية ، وقضايا فكرية ، ويمتد بعيدا عن الأشياء الحسية ليشمل كل المعاملات المعنوية .
المطففون الجدد هم كل شخص أراد الحصول على كامل حقه او أزيد منه دون القيام بالواجب المكلف به ، فيقع في تلك الدائرة زوجا كان أم زوجة ، معلما أو تلميذا ، طبيبا أم مريضا ، صاحب عمل أم عامل ، رئيس أم مرؤس ، ولم لا والمطفف شخص يريد عند القضاء الحصول على أكثر مما يستحق ، ويبخس الناس أشياءهم عند الأداء .
إن المطفف شخص ذاتي ، أناني ، يجعل نفسه فوق الجميع ، يراها تستحق أعلى الحقوق ، وذلك ظن كل ظالم لنفسه ولغيره .
إن المطفف جائر ، معتدي على الحقوق ، بعيد عن العدل ، وظالم للناس ، وباخس لقيمتهم وقدرهم ، جارح لنفوسهم ، زارع للبغضاء والشحناء ، عامل على الفرقة والشقاق ، لذلك استحق وعيد الله له بالهلاك والثبور إن لم يتوقف .
إن التطفيف جعله الله من الكبائر لأن مرجعه قلة إيمان بالله ، وعدم خوف من يوم الحساب : " ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم " ... المطففين (٤-٥) ، وألحقهم بالفجار في سوء السلوك ، وتوعدهم بالعذاب الدنيوي قبل الآخروي .
جاء الإسلام بعلاج للمطفف متى اتبعه نجح في التخلص من علته ، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ... فعامل الناس كما تحب أن يعاملوك به ، اجعل نفسك ميزانا بينك وبين غيرك ، وأحب له ما تحب لنفسك ، واكره له ما تكره لها ، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ، ولا تظلم كما تحب أن لا تظلم .
انتبه عزيزي ... قد يكون أنا أو أنت من المطففين الجدد ولا ندري أو نشعر بذلك ، فها قد علمت فالزم .
مدير الطب الوقائي بمديرية الطب البيطري بقنا .