الجمعة 23 مايو 2025 04:04 مـ 25 ذو القعدة 1446 هـ
×

” تخاصم أهل النار ”

الإثنين 28 سبتمبر 2020 01:28 مـ 10 صفر 1442 هـ

بقلم د . محمود العبد حسن 
 

تحدثنا في مقال سابق، عن تخاصم أهل الجنة والنار في يوم القيامة ، واليوم نمضي لنستكمل الصورة ، وننتقل إلى مشهد أهل النار ، أهل الباطل عندما تنصب المحكمة ويروا عاقبة سوء أعمالهم .

فها هو القرآن الكريم يخبرنا بأن أهل الباطل كلما دخل فوج النار لعن سابقيه فهذا ديدنهم ؛ " كلما دخلت أمة لعنت أختها " ... الأعراف (٣٨) .

يرى أهل الباطل زيف أعمالهم ، وبطل إدعائهم لتكون الحسرة أشد وأعظم على نفوسهم ؛ " كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم " ... البقرة (١٦٧) .

أهل النار إما ضال أو مضل ، فتراهم دوما يبررون زلاتهم ، ويسقطون أخطائهم على الغير ؛ " ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " ... فصلت (٢٩)

 وعند رؤية قرنائهم يجئرون بالصراخ عاليا ؛ " ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك " ، فيأتي جواب الرفقاء والقرناء حاسم وقاطع وفاضح لهم ؛ " إنكم لكاذبون " ... النحل (٨٦) .

عندما يعاين أهل الباطل ما أعده الله لهم من العذاب الأليم ، وما أصبحوا فيه من الهول والفزع العظيم ، يبدأون في خلق الحجج ، والتذرع بأعذار ودفوع واهية ، وإلتماس الأعذار ومحاولة التبرئة لهم بإلقاء اللوم على كبرائهم وسادتهم ؛ " ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا " ... الأحزاب (٦٧) ، ويطلبون لهم أشد العذاب وهم من كانوا يخطبون ودهم ويسعون لمرضاتهم في الدنيا ؛ " ربنا آتهم ضعفين من العذاب " ... الأحزاب (٦٨) .

هذه هي الحقيقة ، تخاصم أهل النار ، ومحاججة بعضهم بعضا ، وفضحهم بعضهم بعضا ، يتبرأ كل منهم من الآخر ، العابدون والمعبودون ، الأتباع والسادة ، الضعفاء والمتكبرون ، فلما قضي الأمر ، وانتهى الجدال ، وسكت الحوار ، يتصدر إبليس المشهد خطيبا بين أهل الباطل ، فاضحا لهم قائلا : " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق  ووعدتكم فأخلفتكم ، وما كان لي عليكم من سلطان "... إبراهيم (٢٢) .

إن تلك المشاهد ليست من وحي خيال كاتب أو مشهد تخيلي ، إنما هو الحق تماما ، لأن الله أخبرنا عنه في قرآنه الكريم ؛ " إن ذلك لحق تخاصم أهل النار "... ص (٦٤) ، لحكمة يعلمها الله ، ولكن من أهمها ألا يغيب عني وعنك تلك المشاهد مهما طال بنا الزمن ، وكثرت المغريات

 فهل نكون من العقلاء الذين يتدبرون ، ولخاتمتهم يعملون ، ومن النار هاربون ، وللجنة ساعون ، وننظر في الرفقاء والأصدقاء فنحن اليوم أحباء ، وقد نمسي غدا أعداء.    

مدير الطب الوقائي بمديرية الطب البيطري بقنا .