الجمعة 23 مايو 2025 04:30 مـ 25 ذو القعدة 1446 هـ
×

” طعنة الخيانة ”

الإثنين 19 أبريل 2021 03:35 مـ 7 رمضان 1442 هـ

د. محمود العبد حسن

بينما جمال الليثي، المنتج السينمائي وصنايعي الفيديو في مصر، يسير في طريقه المعتاد سمع مناديا ، فالتفت إليه ، فإذا به يوجه له طعنة في رقبته ، نظر إليه فاكتشف أنه يعرف صاحب الطعنة ، فسأله وهو ينزف : ليه كده يا أبو السعود ؟

 في التحقيق تبين أن المتهم صديق قديم ، وبسؤاله في التحقيق عن مصدر بدلته الأنيقة التي يرتديها ، أجاب أنها بدلة أعطاها له الليثي في وقت سابق .

كم تعج الحياة بأمثال الليثي وأشباه ابوالسعود ، الذين يتدثرون بثياب الصديق ، لتحقيق أهدافهم كل شئ مباح ، عديمى الكرامة والمبادئ ، يسعى دوما إلى مصلحته وتحقيق المكسب دون أي إعتبار لأي قيمة ، وباذلا في سبيلها كل شئ . الخونة ناكروا المعروف ، أضاعوا الجميل ، وقابلوا كل يد قدمت إليهم بالجحود ، وكافئوا حسن الصنيع بالدناءة والندالة ، هؤلاء هم سفلة البشر ، وأدناهم مروءة وشهامة ، ذو خسة في الطبع والسلوك ، كمصاصي الدماء لا يكبر ويعلو إلا على جثث ودماء من ساندوه وأسدوا إليه معروفا ولهم عليه أيادي بيضاء . الخونة أحبة بالنهار ، أعداء بالظلام ، كلامهم يسر ، وأفعالهم تضر ، معك طالما له مصلحة أو حاجة إليك ، خصيم مبين إذا انتفت المصلحة وزالت الحاجة ، يحزن إن فرحت ويكتئب إن رءاك مسرورا ، يضيق صدره إن أنعم الله عليك أو سمع مدح فيك .

الخائن دوما يخشى المواجهة ، يجيد الطعنات بالخلف ، جبان ومراوغ ، كذاب دائم التدليس ، كم هو مؤلم جدا أن يكون قاتلك ربيبك ، ولعلها سبب صرخة يوليوس قيصر في وجه قاتله : حتى أنت بروتس ؟! .

الخيانة بكل أنواعها قبيحة ومذمومة مجتمعيا ودينيا وشعبيا ، يقول المثل الشعبي " من آمنك لا تخونه ولو كنت خاين" . دوما للخيانة مبررات وحجج ودوافع عند مرتكبيها ، الخائن له سمات في الطب النفسي أهمها حبه للمال ، حبه للسلطة وحب الذات ، ودوما يشعر بالنقص والدونية .

الخونة مصيرهم الذم والحقارة حتى ممن شجعوهم على الخيانة ، ولعل تصرف ابرهه ونابليون والأمريكان مع الخونة شاهد ودليل . الخيانة طريق موصول بالعار في الدنيا والآخرة ، والأسوأ من الخيانة أن نجد ما يبرر الخيانة أو يقبلها ، فكما قال أحدهم : " أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر " .