الجمعة 23 مايو 2025 03:45 مـ 25 ذو القعدة 1446 هـ
×

  سيد زكريا .. أسد سيناء.. الحق ما شهدت به الأعداء

الجمعة 5 أكتوبر 2018 04:38 مـ 24 محرّم 1440 هـ
الشهيد سيد زكريا
الشهيد سيد زكريا

  كان الشهيد سيد زكريا جندياً فذاً من أبطالنا فى حرب أكتوبر المجيدة، واستطاع أن يحفر اسمه بجدارة فى سجل الشرف والبطولة ، حيث أقدم على عمل بطولى فوق العادة  وشهد له بذلك العدو ، ويكفى أن العالم عرف قصة هذا البطل الشهيد . 
   ولد الشهيد جندى/ سيد زكريا خليل محمد فى سنة (1949م)  بنجع الخضيرات التابع لقرية البغدادى (التابعة لمركز الأقصر).  
  نشأ فى بيئة ريفية حيث كان والده مزارعاً ، تمكن من حفظ القرآن الكريم بأكمله على يد الشيخ/ دردير شيخ كتاب النجع ، وكان الشهيد يمتاز بسرعة الحفظ ، وقوة الملاحظة ، وشدة البنيان حيث اشتهر بين أقرانه بأنه " أبو قلبين " لقوة بأسه ، وفى الوقت نفسه كان يدعو دائماً إلى الخير ، ونبذ الخلاف والتحلى بالعلم والحلم والأخلاق ، يسأل عن الكبير والصغير ويصل الرحم باستمرار وبخاصة شقيقاته البنات ، وكان يقضى معظم وقته فى مساعدة والده فى أعمال الزراعة والفلاحة ... هكذا قال عنه أخيه محمد زكريا الشقيق الأكبر له والذى سمى أول مولود له باسم أخيه الشهيد " سيد". 
قبل أن يتم تجنيده توفيت والدته ، 
فى أكتوبر سنة 1970 م،  تم تجنيده بسلاح الصاعقة ، وكان بطلاً من أبطال مصر فى أكتوبر وبطولته تناقلتها كل وسائل الإعلام ،  حيث صدرت التعليمات لطاقمه المكون من 8 أفراد بالصعود إلى جبل (الجلالة) بمنطقة رأس ملعب ، وقبل الوصول إلى الجبل استشهد أحد الثمانية فى حقل ألغام ، ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازى، بالاختفاء خلف إحدى التباب وإقامة دفاع دائرى حولها على اعتبار أنها تصلح لصد أى هجوم ، وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يحذران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة فى اتجاه معين وبعد انصرافهما زمجرت 50 دبابة معادية تحميها طائرتان هليكوبتر، وانكمشت المجموعة تحبس أنفاسها حتى تمر هذه القوات ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلفة بها . 
  وعند حلول الظلام وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة ، ظهر البدويان ثانية وأخبرا النقيب غازى أن الإسرائيلين قد أغلقوا كل الطرق ، ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكنت المجموعة من التسلل إلى منطقة المهمة بأرض الملعب واحتمت بإحدى التلال وكانت مياه الشرب قد نفذت منهم فتسلل الأفراد أحمد الدفتار وسيد زكريا وعبد العاطى ومحمد بيكار إلى بئر قريبة للحصول على الماء ، حيث فوجئوا بوجود 7 دبابات إسرائيلية فعادوا لإبلاغ قائد المهمة باعداد خطة للهجوم عليها قبل بزوغ الشمس ، وتم تكليف مجموعة من 5 أفراد لتنفيذها منهم سيد زكريا ، وعند الوصول للبئر وجدوا الدبابات الإسرائيلية قد غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر. 
  وفى طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود 3 دبابات بداخلها جميع أطقمها ، فاشتبك سيد زكريا وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض وهاجمت بقية المجموعة الدبابات وقضت بالرشاشات على الفارين منها ، وفى هذه المعركة تم قتل 12 إسرائيلياً ، ثم عادت المجموعة لنقطة إنطلاقها غير أنها فوجئت بطائرتى هليكوبتر تجوبا الصحراء بحثاً عن أى مصرى للانتقام منه ، ثم انضمت اليهما طائرتان أخريان وانبعث صوت عال من إحدى الطائرات يطلب من القائد غازى تسليم نفسه مع رجاله ، وقامت الطائرات بإنزال عدداً من الجنود الإسرائيلين بالمظلات لمحاولة تطويق الموقع وقام الجندى حسن السداوى باطلاق قذيفة (آر . بى . جى) على إحدى الطائرات فأصيبت وهرع الإسرائيليون منها فى محاولة للنجاة حيث تلقفهم سيد زكريا أسد سيناء برشاشه وتمكن وحده من قتل 22 جندياً .
 واستدعى الإسرائيليون طائرات جديدة أبرت جنوداً بلغ عددهم مائة جندى اشتبك معهم أسد سيناء سيد زكريا ، وفى هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب / صفى الدين غازى بعد رفضه الاستسلام ، ومع استمرار المعركة غير المتكافئة استشهد جميع أفراد الوحدة واحداً تلو الآخر ولم يبق غير أسد سيناء سيد زكريا مع زميله أحمد الدفتار فى مواجهة الطائرات،  وجنود المظلات المائة ، حيث نفدت ذخيرتهما ثم حانت لحظة الشهادة وتسلل جندى إسرائيلى خلف البطل سيد زكريا وأفرغ فى جسده الطاهر خزانة كاملة من الرصاصات ليستشهد على الفور ويسيل دمه الزكى على رمال سيناء الطاهرة 
 ثم تقدم إليه الجندى الإسرائيلى الذى قتله وأخذ سلاحه ومحفظته الشخصية واحتفظ هذا الجندى بمتعلقات سيد زكريا 22 عاماً ثم أرسلها أخيراً إلى القنصل الإسرائيلى فى بون وأرسل معها تقريراً عن بطولة الجندى المصرى سيد زكريا ، ونقل القنصل الإسرائيلى متعلقات الجندى المصرى إلى القنصل فى برلين د. عزيزة فهمى .

  يقول أخيه محمد " كنت أعمل بشركة جيمكو للرخام بمحافظة المنيا ، وكان أخى الشهيد يتصل بى عندما ينزل أجازة فإن وافقت أجازتى أجازته قضيناها معاً فى قريتنا ، وإن لم توافق أجازتى أجازته كان يقضى معى فى المنيا آخر يوم له فى الأجازة ثم يرحل إلى كتيبته ، وكان دائماً يقول لى "  أحسن حاجة أن الواحد يستشهد فى سبيل الله ، فكنت أقول له وهل هناك أحسن من الاستشهاد فى سبيل الله والوطن " . 
  توفى والد الشهيد سنة 1986 م قبل أن يسمع عن بطولة ابنه الشهيد ، وعن معرفة العالم لبطولته ، والأحاديث الإذاعية والتليفزيونية التى أدلت بها أسرته . 
وفى هذا اللقاء فى مسقط رأسه يحكى لنا ابن أخيه الحاج خالد محمود زكريا عن حياته قبل التحاقه بالقوات المسلحة وبطولته فى حرب أكتوبر المجيدة