”أبو فدّان”.. الضريح المنسى

يقع مقام الشيح العارف بالله "أحمد أبو فدان" في غرب مدينة فرشوط الواقعة شمال قنا، بميدان مسمى باسمه، ويطلق عليه أهل المدينة بلغتهم الدارجة "درب اب فدان"، ويسردون عنه حكايات توارثوها شفهيًا عن آبائهم وأجدادهم.
يرجع نسب الشيخ أحمد أبو فدان، إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، هذا الأمر الذي يزيده إجلالًا في نفوس أهل المدينة، ويجعلهم يثقون أكثر في صحة الكرامات المنسوبة إليه، والتي تدفع النساء إلى تقديم النذور والإيفاء بها عند ضريحه، كأن يُقال: " ندرا عليّ يا سيدنا لو ربنا قضى لي (الأمر الفلاني) لأوزع (الشيء الفلاني) على ضريحك"، وعندما يقضى الأمر، تجد من نذر نذرًا عند مقام الشيخ، يأتي ليوفيه، بأن يوزع الشيء الذي نذره، سواء كان كعكًا أو لحمًا أو أرزًا بلبن أو حتى حلوى... إلخ!
كان يقام للشيخ احتفالا سنويًا بفرشوط، ولكن منذ عقود لم نر أي احتفال عند المقام، فقد أصبح مولده منسيًا _بالنسبة لهذا الجيل_ فقط حاليا يتم ترميم المسجد المقام على الضريح من حين لآخر، وعندما تهدّم الضريح ذاته، أقبل أهل الميدان على ترميمه، وعندها رويت قصة عُدّت من كرامات الشيخ، حين روى البنّاء الموكل إليه ترميم الضريح، إنه مدّ يده على جسد الشيخ دون قصد، فوجده كما هو، كأنه مات للتو، وليس مجرد عظام كباقي الموتى الذين تحللوا منذ مئات السنين؛ فسقط مغشيا عليه.
عندما تتأمل موضع مقام الشيخ "أبو فدّان" تجد على بعد أمتار من شرق المسجد، أقدم كنيسة في مدينة فرشوط، مما يجعل الميدان بمثابة تجسيد حقيقي لكل معاني "المحبّة"، حين تجتمع روح التصوف التي تملأ روح مسلمي هذا الميدان ببركة نفحات سيدنا الشيخ؛ مع روح المحبة التي تملأ روح مسيحي هذا الميدان، فتجد المسيحيين يحتفلون مع المسلمين بأعيادهم، والعكس صحيح، كما انصهرت الأرواح في هذا الحيّ لدرجة أن أيّ من أهل الحيّ كان إذا أصابه تعب، يذهب إلى القسيس، تمامًا كما يذهب إلى شيخ المسجد المقام على الضريح.
للشيخ "أحمد أبو فدّان" أبناء يحملون نفس صفاته الطيبة، في أماكن موزعة على شمال وجنوب مصر، ومن أبنائه السيد عبد السلام، الذي يقع ضريحه شرق نجع الخطباء بالأقصر، وله أعقاب بأسيوط والشرقية، تجعل الكثير من الناس من حين إلى آخر يأتون لزيارة ضريحه.