الإتصال الصامت (٢) !!

بقلم د. محمود العبد حسن
تحدثنا في مقال سابق عن لغة الجسد وأهميتها في التواصل الإنساني ، وإعتبارها لغة عالمية للتواصل والتفاهم بدون ترجمة أو وسيط ، واهتمام القرآن الكريم بالإتصال الصامت، وإبرازه في مواقف عدة كوسيلة للإيضاح والتعليم ، وآية ودلالة إعجاز له في تناول الإشارات والدلالات الرمزية لتوضيح الصورة ولسهولة فهمها .
نتناول اليوم الهمز ، و اللمز ، والغمز كأحد طرق الإتصال الصامت ، فجاءت الآيات القرآنية بذلك :" ويل لكل همزة لمزة " ... الهمزة (١) ، " هماز مشاء بنميم " ... القلم (١١) ، " ومنهم من يلزمك في الصدقات ، فإن أعطوا منها رضوا ، وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون " ... التوبة (٥٨) .
اتفق العلماء ، أن الهمز هو أن يصيب أحد أحدا بالإشارة بالعين أو بالشفه او بالرأس بحضرته او عند توليه ، إنما اللمز فهو الإشارة بالعين والرأس والشفة مع كلام خفي ، إن الهمز واللمز يحمل دلالة العيب والسخرية والإنتقاص من قدر الآخر .
وأما الغمز فجاء في قوله تعالى :" وإذا مروا بهم يتغامزون " ... المطففين (٣٣) .
ويقول صاحب الظلال، هي أن يغمز بعضهم لبعض بعينه أو يشير بيده أو يأتي بحركات متعارف عليها للسخرية من المؤمنين .
إن الهمز أو اللمز أو الغمز سلوك ردئ ، لا ينبع إلا من ذي خسه ودنائه في الأصل ، وقلب منعدم الإيمان ، مملوء بالنفاق ، حيث يستخدمهم لإيقاع الإنكسار في قلوب الآخرين وإصابتهم بالخجل والإرباك .
تجدر الإشارة إلى أن الغمز واللمز موجودة في كل الثقافات ، وقد تحمل دلالات مختلفة غالبيتها من باب خائنة الأعين ، ولكن أحيانا تستعمل للتودد والإشعار بالحب .
إن الهمز واللمز والغمز إذا انتشر في مجتمع ما ، فاعلم أنه مجتمع فاسد ، يتبارزون بالعداوة ، وتتاكل الثقة بين أفراده ، وينذر بالخطر والفرقه ، وتبذر بذور العداوة والبغضاء ، وتولد الرغبة في الإنتقام ، وتمزق أواصر المحبة ، وتقطع روابط الأخوة ، فالهمز واللمز والغمز أحد معاول الهدم للعلاقات الفردية والمجتمعية .
مدير الطب الوقائي بمديرية الطب البيطري بقنا .