مولد وصاحبه غايب

الخميس 8 مارس 2018 12:46 صـ 19 جمادى آخر 1439 هـ

يناقش في المتوسط سنويا في أقسام وكليات الإعلام في مصر‏300‏ رسالة ماجستير ودكتوراه‏..‏من خلال‏33‏ كلية ومعهدا وقسما علميا‏..‏ تخضع لسبعة قوانين‏. إضافة إلي قانون تنظيم الجامعات المصرية.

 والسؤال: كيف أصبح الحصول علي دكتوراه الإعلام في هذا البلد أسهل من الحصول علي الثانوية العامة.. وكيف أصبح متاحا لكل أحد الحصول على هذه الدرجة الرفيعة.. هل الغلط في يسر الإجراءات إلي حد الترخص والابتذال وبخاصة للطلاب العرب من أجل بضع دولارات رسوم دراسية يدفعونها فيسجلون بسرعة البرق ويسمح لهم بالقيد بتقدير مقبول ثم يجدون من يكتب لهم بحوثهم ويشكل لهم لجانا تمنحهم أعلي تقدير.

لقد وجدنا طلابا غير مؤهلين للبحث العلمي وتقريبا بلا مهارات لغوية أو بحثية وقد أصبحوا دكاترة.. والنتيجة تجد دكتورا لا يحسن كتابة سطرين دون أخطاء نحوية ولغوية.. وتجد بحوثا مكررة متشابهة ليس فيها أية إضافة علمية.. ولا تجد رسالة واحدة تعالج أية مشكلة من مشكلات الإعلام المصري.

 لم أجد رسالة واحدة تتحدث عن اقتصاديات الفضائيات المصرية الخاسرة.. أو تناقش اقتصاديات الصحف القومية.. أو تعالج البني الهيكلية والتنظيمية للإعلام المصري

 أذكر في رسالتي للماجستير في الإعلان التليفزيوني حضر حسين عنان رئيس الاتحاد مناقشا ثم وجدته في اليوم التالي للمناقشة قد أعاد ترتيب وتنظيم إدارة الإعلانات في القطاع الاقتصادي وحولني للتحقيق بسبب الوثائق التي حصلت عليها.. وفي الدكتوراه تم مراجعة جميع عقود استيراد البرامج والأفلام الأجنبية ومحاسبة عدد كبير بالمكتبة الأجنبية بماسبيرو.

 كنا مشغولين بهموم مؤسساتنا وكان لدينا أساتذة يوجهون ويتابعون كل كبيرة وصغيرة..كانت أستاذتي د.جيهان رشتي عميد كلية الإعلام ورئيس قسم الإعلام بمعهد الطفولة لا تشرف إلا علي دكتوراه واحدة سنويا. بينما الآن وجدت أساتذة يشرف الواحد منهم علي27 رسالة..ليس محسوبا من هذا العدد الطلاب العرب.

منذ عشرين سنة لم تحدث كليات وأقسام الإعلام في مصر لوائحها ولا مقرراتها الدراسية..هل الغلط في الاستسهال والتراخي.. هل الغلط في الإشراف الشكلي.. هل الغلط في تواطؤ لجان المناقشات ومنح الامتياز لمن لا يستحق.

 أتحدى أن تجد رسالة ماجستير أو دكتوراه لم تحصل على تقدير ممتاز في السنوات العشر الماضية. لقد كنت شاهدا ومشاركا في كل ما جري من تدهور فحين كنت وكيلا للدراسات العليا بكلية الآداب بجامعة المنيا وجدت الميزانية المتاحة لكلية بها12 قسما وقتذاك خمسة آلاف جنيه ولم أستطع الحصول على دعم مالي أكثر من هذا.. شاركت بالصمت في تدهور الحال.. نعم كنت مشاركا في هذا التدهور بالحرج من زملاء يدعونني لمناقشة طلابهم ورسائل أضعف من أن تمنح ومنحت بسيف الحياء.. فقطعت عهدا ألا أبالي بغضب الزملاء.. ومنحت رسائل تقدير جيد فقط لكنني أمسيت مكروها ومنحت لقب متعنت ومتشدد.

منذ أربع سنوات شغلنا أنفسنا أعضاء لجنة قطاع الدراسات الإعلامية بالإعداد لمؤتمر لتطوير الدراسات العليا ولم يستجب لنا المجلس الأعلى للجامعات إلا بخمسة آلاف جنيه فأحبطنا جدا إلى أن قامت جامعة مصر الدولية هذا الأسبوع بتبني المؤتمر الذي افتتحه وزير التعليم العالي ووضعه تحت رعايته وهنا نشكر مجلس أمناء الجامعة وصديقي د. حمدي حسن نائب رئيس الجامعة على تقديم الدعم الكامل لإنجاح هذا المؤتمر كما اترحم علي صديقي د. عدلي رضا رئيس لجنة قطاع الإعلام السابق صاحب فكرة المؤتمر كما أشكر زملائي د. سامي عبدالعزيز رئيس لجنة القطاع وأعضاء اللجنة الموقرة على جهودهم المخلصة، فقد كان المؤتمر فرصة لوضع النقاط على الحروف وللتطهر من الآثام التي ارتكبناها بحق الدراسات العليا بجامعاتنا.. ولسوف ينتهي المؤتمر إلى قرارات كما طلب الوزير ووعد بعرضها على المجلس الأعلى للجامعات.

لدي أمل في تطوير الجامعات المصرية لنعيد لها سمعتها العلمية التي كانت.

أستاذ الاعلام بجامعة السويس