” عزيزي ... أنت مدمن ”

بقلم- د. محمود العبد حسن:
هل تتفقد هاتفك الخلوي عدة مرات في اليوم ؟ ، هل يقضي ابنك أو إبنتك المراهقة الساعات الطوال أمام النت وأثر ذلك على مستواه الدراسي أو علاقاته الإجتماعية ؟
هل تشكو إنعدام الحوار الأسري وغياب النقاش ؟! ، أصبحنا نغار من جهاز الواي فاي ،وحب الأسرة له وخوفهم عليه وتفقده من حين لآخر ، والإهتمام والحرص على سرعة إصلاحه متى ألم به عطل .
في عصر الحداثة ظهر إدمان جديد ، غالبية الأسر تتعاطاه بكامل إرادتها وتحت سمع وبصر الوالدين ! ، الجميع أسرى لذلك الإدمان ، والكل صرعى في فخاخه ، فجلنا أمسى من مستخدميه ، لذلك ظهر بالعام ١٩٩٥ مصطلح اضطراب إدمان الإنترنت ، ظهر كسبب من مظاهر الإخفاق الدراسي للمراهقين ، وتدهور الأداء المهني ، بل حتى الإنفصال الأسري
. إدمان الإنترنت شبيه بإدمان المخدرات ، وبدون مواد مسكره ؛ أحد أنواع الإدمان السلوكي مثل إدمان القمار تماما ، أظهرت دراسة أمريكية أن ١٥ % من الأمريكيين يعانون من الإستعمال المرضي للإنترنت
وأعتقد أن تلك النسبة مرتفعة جدا في المجتمعات الشرقية ، أفاد ٢٠% من طلاب جامعة هارفارد أن إستخدام الإنترنت يعرقل تحصيلهم الدراسي ، أكيد النسب أكبر بكثير عندنا من طلاب هارفارد العريقة . إن الإنترنت برغم كثرة المعلومات المتاحة والمعروضة أمام الآخرين ، إلا أن الغالبية من الناس أصبحت تفضل القشور والعناوين الضخمة ، وأصبح يتباهى بالثقافة السريعة كوجبات التيك أواي طعمها شهي ومذاقها لذيذ وخطرها عظيم .
وﻹدمان الإنترنت أعراض عضوية وأخرى غير عضوية ، لعل من أخطرها الإكتئاب ، الشعور بالذنب ، التقلبات المزاجية ، العصبية الحادة ، الإنفصال الأسري ، عدم القدرة على التكيف مع البيئة والمحيطين ، وعند محاولة التوقف أو علاج ذلك الإدمان له عوارض إنسحابية مثل الغضب والقلق
. لخطورة إدمان الإنترنت ظهرت العديد من المراكز الإستشارية بكوريا الجنوبية التأهيلية للعلاج من ذلك الإدمان ، وتبلغ التكلفة العلاجية اليومية ١٦٠٠ دولار بأمريكا .
يتساءل إبراهيم السكران في كتابه الماجريات ، ما المطلوب منا أزاء ذلك كله ؟ ، هل المطلوب مقاطعة هذه الوسائل المذهلة في قدراتها وإعتزالها ؟! ، فيجيب قائلا : " إن المطلوب هو التوازن في معاملة نظم الإتصالات ، وإيلاء هذه المشكلة حقها من العناية ، وأن لا تقودنا مشاهدة النظراء إلى التساكت المتبادل وتجاهل المعضلة ، وخصوصا في المرحلة الذهبية للتحصيل العلمي .