”أحمد زنقور” .. تحدى العمى وحفظ القرآن كاملاً فأصبح إماماً لأقدم مساجد الدولة العثمانية بالوادى الجديد

الثلاثاء 25 يونيو 2019 11:52 صـ 21 شوال 1440 هـ
الشيخ أحمد زنقور
الشيخ أحمد زنقور

" أحمد زنقور " .. على وجهه  تشكلت خطوط وعلامات، بها الكثير من الغموض والأسرار، تعلوها ابتسامة حاضرة، شهدت سلسلة من الأحداث والذكريات ، تستحضر عبق التاريخ، وإرث الأجداد، داخل أحد أقدم واعرق المساجد المشيدة فى عصر الدولة العثمانية، منذ أكثر من ٣٠٠ عام ولا تزال شاهدة على أعظم صروح التراث المعماري الإسلامي داخل مسجد قبالة بمركز بلاط التابع لمحافظة الوادى الجديد.

ولد الشيخ أحمد محمد زنقور عام ١٩٤٠، بمركز بلاط داخل أسرة بسيطة قادمة من أرياف مصر، إلى الوادى الجديد وذلك فى أوائل الثلاثينات، بحثاً عن مصدر رزق وحياه كريمة من خلال العمل بالزراعة التقليدية وجنى الثمار. إلا أن ظروف المعيشة وتردى الأحوال الاجتماعية والصحية وقتها، حالت دون تعليمه بمكاتب تحفيظ القراءة وحلقات العلم ، وشاءت الأقدار أن يفقد بصره وهو فى سن الخامسة عشر من عمره، بعد تعرضه للإصابة بمرض الرمد فى عينيه، إثر هبوط حاد فى جفنيه نتيجة تعرضه لإفرازات مخاطية صفراء، أسفرت عن نزيف دموي داخل شبكات مركز الرؤية، أحدثت التهابات حادة وتقرحات بنتوءات واضحة فى ملتحمة عينه وانتهت بفقدان بصره إلى الأبد.

ومنذ ذلك الحين أصبح أحمد ضريراً متقاعداً، لا يحرك ساكنا، قاعدا دون عمل أو أمل،  غير مقبل على الحياة. وبمرور الأعوام وتقادم الزمن، تزوج أحمد زنقور وأنجب عشرة أبناء، ستة إناث، وأربعة ذكور، فى الوقت الذى منحته العناية الإلهية طاقة إيجابية بددت ظلام عينيه ، وأطلقت العنان لتحقيق حلمه الذى كان يراوده منذ صغره وهو حفظ كتاب الله على مدار عشرة أعوام متتالية على يد استاذه وملقنه داخل أحد مكاتب التحفيظ ليصبح إمام مسجد عين القبالة أحد أقدم دور العبادة فترة ولاية الدولة العثمانية وذلك بمركز بلاط.

 أكثر من ٤٠ عاما كان فيها المؤذن والإمام ومحفظ القرآن ، ومدخل السعادة والبهجة على قلوب أبناء قريته وجيرانه ، متحليا بالإيمان بعد رحلة معاناة مع العزلة أسيرا للظلام، ومتخطيا إياها بالصبر على الإبتلاء وقوة الإيمان.

لم يكن يمتلك دخلا ثابتا أو عملا ثابتاً يقتات منه لأسرته سوى المرور على منازل أهل قريته يوميا، فى الفترة مابين كل صلاة وأخرى،  متكأ على العصا الخشبية، يتحسس بها خطواته المتعثرة،  ويلتمس بها سبيل المرور وسط الحقول والشوارع الضيقة بحثاً عن الديار. طارقا أبوابها الموصدة ، من أجل  الجلوس مع الصغار فى حلقة تحفيظ للقرآن بين آبائهم وامهاتهم  ومن فى الجوار.

يقول أحمد محمد احمد زنقور  ، ٨٠ عاما : لقد  اعتدت الرؤية فى الظلام بنور الإيمان ، منذ حفظى لكتاب الله وحرصي على أداء الصلوات الخمس فى أوقاتها جماعة بمسجد عين قبالة منذ ٦٥ عاما حتى الآن . هذا المسجد الذى شهد توافد اجيال من كبار القراء والعلماء والمشايخ بالمحافظة ، حيث يعود تاريخ إنشائه إلى الدولة العثمانية إلى سنة ١٧١٣م ، أى ما يعادل أكثر ٣٠٠ عام تقريباً، مشيرا إلى أنه تم تجديده وتدعيمه بأعمدة وحوائط مساعدة ، وذلك  فى عهد الأمير خليل أغا باشا عام ١٨٢٦م . مضيفاً بأنه مع قدوم الألفية الجديدة ، قام السيد محمد عبدالعال بتبييضه ورفع مستوى خدماته ومرافقه،  بمساعدة بعض أعيان المنطقة عام ١٩٩٢م . وإلى الآن بقي المسجد دون تطوير أو ترميم بالرغم من مرور أكثر من ٢٨ عاما منذ آخر تجديد .

وأكد بأن والده وبعض كبار وشيوخ المنطقة كانوا يتناقلون فيما بينهم روايات سمعوها وتوارثوها عن أجدادهم. وهى أن المسجد سمي بعين قبالة نسبة إلى تأسيسه على امتداد قنطرة مائية من الشرق إلى الغرب بمساحات شاسعة تصل أطراف القرية ببعضها البعض، لتفادى عدم الخروج أثناء الليل خشية التعرض لهجمات بعض العرب بالخارج .

ولفت إلى أن المسجد بدأت أجزائه تتهدم وتنهار نتيجة تصدع أركانه لأسباب تتعلق بالمتغيرات المناخية،  وتقادم الزمن، ورشح المياه من أسفل إلى أعلى أسفرت عن هبوط فى التربة الرملية أسفل المسجد ويحتاج لتدخل عاجل لتطويره للحفاظ على قيمته الأثرية.

نقلاً عن بوابة " الجمهورية أونلاين "